Tuesday, 26 April 2011

السياحة في مدينة طوكيو /اليابان


تحتل المنطقة الحضرية لمدينة طوكيو مساحة 600 كلم²؛ تتشكل من 23 حياً (باليابانية: = ku)، ويبلغ عدد السكان فيها 12 مليون نسمة. إذا أخذنا في الحسبان التكتلات الحضرية المجاورة، فإن طوكيو تشكل أكبر تجمع حضري في العالم، يمتد النسيج العمراني فيها بدون انقطاع ليشغل مساحة قدرها 10,000 كلم²، ويضم أكثر من 30 مليون نسمة، يشمل العديد من المدن الصغيرة المتاخمة وثلاث مدن كبيرة: يوكوهاما، كاواساكي وتشيبا، وتقع كلها شرقي طوكيو

تم استيطان المكان الذي تحتله المدينة الحالية منذ فترة جومون، ثم أصبح من ضمن الأراض الملكية (التابعة للإمبراطور) أثناء فترتي نارا وهييآن. سقطت المنطقة أثناء العصور الوسطى في أيدي المحاربين القادمين من السهول الشرقية المجاورة، أسس هؤلاء حكومة عسكرية في جنوبي خليج طوكيو: في المكان المسمى كاماكورا، كان ذلك في نهاية القرن الـ12 م، ومنذ ذلك العهد أخذت المدينة اسمها الأول إيدو ومعناه ميناء الخليج (خليج طوكيو اليوم).

أصبحت المدينة عاصمة اليابان منذ بداية القرن الـ17 م، وعرفت عصرا مزدهرا أثناء فترة إيدو، بلغ عدد سكانها المليون نسمة في القرن التالي (الـ18 م). بعد سقوط نظام الشوغونية، وأثناء فترة التحولات (راجع: استعراش مييجي) اضمحل دور المدينة، لصالح كيوتو (العاصمة الإمبراطورية). إلا أن البلاط قرر أخيرا أن ينقل عاصمته إلى إيدو، وتم إعادة تسميتها إلى طوكيو' (ومعناها العاصمة الشرقية).

أخذت المدينة تتطور وأصبحت من كبرى المدن العالمية. أثناء بدايات فترة مييجي أخذت المدينة القديمة تتحول، فاحتضنت كبرى الشركات، وأولى الجامعات في البلاد كما عرفت أولى النشاطات الصناعات. تحول مظهر المدينة عام 1870 م، عندما أقيمت الإنارة العمومية (كانت تعمل بالغاز) في شوارعها، وتم تشييد المحطة المركزية، كانت القطارات تنطلق منها إلى مدينة يوكوهاما ومن ثمة إلى سائر أرجاء البلاد. بعد عشرية (10 سنوات) من الزمن بدأت خطوط الترام تغزو شوارع المدينة، كما شرع في تشييد مباني حكومية جديدة في حي كاسوميغاسيكي وأخرى لتحتضن مقرات الشركات الكبيرة في حي مارونوأوشي، أنجزت أغلب هذه المباني بالحجر ووفق المخططات الغربية، غيرت هذه التحويلات وجه مركز المدينة القديم، ثم أصبحت شوارعها تضاء بالإنارة الكهربائية.

مع حلول القرن الـ20 م، ازدادت طوكيو اتساعا: تكون حولها نسيج عمرني كثيف، واستغلت كل المساحات الشاغرة على امتداد الضفة الغربية لـخليج طوكيو، ثم أخذت تبتلع أراض جديدة إلى الشمال والشرق. تعرضت المدينة للدمار مرات عدة: الحرائق والهزات الأرضية دمرت العديد من أحياءها، ثم أتى الزلزل الكبير لعام 1923م على أكثر من نصف مباني المدينة. بعد عشريتين (20 سنة) تسببت حملات القصف الجوية أثناء الحرب العالمية الثانية في مقتل أزيد من 100.000 شخص وتدمير كامل النسيج العمرى على امتداد 100 كلم².

تمت عملية إعادة البناء بوتيرة سريعة: محاور طرق جديدة رسمت حول المدينة؛ وضع برنامج خاص لتشييد مباني مدنية وحكومية وإدارية، وانتهي العمل به عام 1964م مع انطلاق دورة الألعاب الأولمبية (في طوكيو).

لا تكاد ورش الأعمال في طوكيو تهدء، فبسبب الهزات التي تتعرض لها والتي تلحق أضرارا جسيمة بمبانيها، لا تعمر أكثر المباني لأكثر من جيل واحد من الزمن. بدأت البيوت الخشبية القديمة، والتي كان يتم إعادة بناءها كل 20 سنة تقريبا، في التلاشي، تاركة مكانها لمباني حديثة، أنجزت لتحمل الزلازل القوية. أخذت مباني جديدة ذات طراز معماري عصري تأخذ مكانها في الأحياء الحديثة، تتحدى هذه المباني بعلوها الشاهق الأخطار الطبيعية والزلازل، ويعترض بعض سكان المدينة عليها لأنها تحجب عنهم رؤية جبل فوجي المقدس.

لا تنفك مدينة طوكيو تتجدد، وتكاد الأشغال فيها لا تنتهي. لم يتبن المسؤولون فيها أيا من المخططات العمرانية، لذا يبدو نسيجها العمراني متنوعا، وتظهر المدينة أكثر كتجمع لقرى صغيرة تحافظ كل منها على خاصيتها الفريدة، منها كمدينة عملاقة حديثة. تعد الشوارع الكبرى والتي اختطت في سنوات 1950-1960 م والمباني الحديثة واجهة المدينة الرئيسية، كما هي الأحياء القديمة والمباني الصغيرة المؤلفة من طابق أو طابقين والمعابد والمزارات والأبنية الخشبية المنتشرة عبرها. تقدم المدينة لزائريها منظرا مشكلا وغير متناسق في الأغلب، تتعايش فيه مختلف الطرز المعمارية ومواد وأساليب البناء المنتوعة. عكس مايعتقده البعض، المنتزهات والمساحات الخضراء في طوكيو كبيرة وواسعة، سواء في وسط المدينة أو على ضفاف نهر سوميدا.

يقع القصر الإمبرطوري كانت تشغله مدينة إيدو القديمة، وتعتبر هذه المنطقة قلب المدينة التاريخي. تكثر فيها المساحات الخضراء ويرتفع مقر إقامة العائلة الإمبراطورية في وسطها، ويحضر على العامة زيارة المكان. إلى جهتي الجنوب والغرب يقع حي كاسوميغاسيكي، وتتجمع فيه أغلب الهيئات الحكومية الرسمية: البرلمان، مقر إقامة رئيس الوزراء، والوزراء والمحكمة العليا

إلى الشرق من القصر الإمبراطوري يقع حي مارونوأوتشي، أحد أهم مراكز الأعمال في المدينة -والبلاد-، تتواجد فيه مقرات العديد من المؤسسات البنكية الكبرى. يليه إلى ناحية الشرق، حي جينزا الشهير، قديما كان هذا الحي مكانا لتجمع تجار الجملة القادمين من أوساكا، وأصبح اليوم مكان التسوق المفضل لأهالي المدينة، تنتشر فيه المحلات التجارية الكبرى، المطاعم، دور السينما والمسارح، ويتم منع مرور المركبات فيه يوم الأحد لتقتصر حركة السير في شوارعه على الراجلين فقط.

بعد جينزا وإلى الشمال والشرق وعلى امتدا نهر سوميدا، تمتد أحياء المدينة القديمة (القصبة)، يقع فيها حي أساكوسا الشعبي، والذي يشتهر بشوارعه الضيقة والمتعرجة وتنتشر عبرها دكاكين الحرفيين، تنشط في هذا الحي تجارة المصنوعات لتقليدية، كما يقع فيه معبد سينسو (أو: سينسو جي)، والذي كرس لشخصية كاننون، إله الرحمة حسب الديانة البوذية(حسب التقليد الياباني).


No comments:

Post a Comment