أولاً: الفرعون الذى ربى موسى فى قصره
طبقًا لما ورد فى قصة (موسى) - عليه السلام - فى القرآن الكريم والذى لم يحذف أو يتغير منه مما أنزله الله على محمد - صلى الله عليه وسلم - منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان، وطبقًا لتسلسل الأحداث فى تلك القصة ومقارنته بما ورد عن سيرة ملوك مصر فى تلك الفترة نجد الآتى:
وكان فرعون مصر فى تلك الفترة هو الملك رمسيس الثانى وقد حدثت تلك القصة بعد حوالى 30 عامًا من توليه ملك مصر عندما كان فى سن الخمسين حيث مات فى حوالى التسعين من العمر.
وكان الملك رمسيس الثانى طبقًا للوثائق المصرية له من الأولاد 162 ولدًا وبنت ومن الزوجات 103 زوجات، وحين أخذ تيار مياه النهر الصندوق الذى وضعت فيه أم موسى ابنها إلى الشاطئ بالقرب من القصر الملكى بمدينة "بر رعمسيس" التى أنشائها الملك كمصيف له، بعيدًا عن طيبة الحارة فى مصر العليا بالصعيد، شهدت إحدى زوجات الملك الصندوق وبه الطفل الذى أنزل الله محبته فى قلبها فأحبته، وتعلقت به ولكن لتحتفظ به فى القصر كان لابد من استئذان الملك، فطلبت مقابلة الملك واستئذنته بالاحتفاظ بالطفل، لكنه سألها إن كان للأحد الإسرائيليين، فنفت حيث خشيت من قتله وحين سألها عن اسمه، فأجابت بالنفى، ثم سألها أين عثرتى عليه؟ فأجابت فى ماء النيل، فأسماه (موسا) وهو فى اللغة المصرية القديمة (ابن الماء)، لكنه شك فى أن يكون لأحد الإسرائيليين وأراد أن يختبره فطلب بإحضار جمر ومجوهرات وعرضها أمام الطفل فأوحى الله إلى الطفل للأمساك بالجمر ووضعه فى فمه. حينئذٍ أذن الملك رمسيس لها بالاحتفاظ به لعله يؤنس أمومتها المحرومة.
وعندما كبر وأصبح فى حوالى الثلاثين من العمر، كان الملك رمسيس فى حوالى الثمانين من العمر. وحدث ذات يوم أن تعارك أحد الإسرائيليين مع أحد المصريين فى شوارع المدينة "بر رعمسيس" فى مرور موسى - عليه السلام - وكان هذا الإسرائيلى يعلم شخصية موسى فاستنجد بموسى فانضم إليه موسى لينصره على المصرى، فوكزه بيده فمات، وهنا ظهر سر موسى من أنه من الإسرائيليين، فنصحه أحدهم بالهرب من مصر فى أسرع وقت لانكشاف أمره وهرب موسى إلى شرق مصر، متخفيًا وعبر سيناء إلى أرض فلسطين التى كانت تحت السيطرة المصرية وهناك تعرف فى مدينة "مدين" على رجلاً زوجه احدى ابنتيه وتفاصيل هذه القصة سردها القرآن الكريم فى كثير من الصور، وعاش هناك ما يقرب من اثنتى عشر سنة وكون أسرة له.
وعندما سمع موسى بموت ملك مصر رمسيس الثانى حوالى 1223 ق.م واعتلاء ابنه (مرنبتاح) الحكم خلفا لأبيه وهو الابن الثالث عشر للملك رمسيس من (105) أولاد والذى تربى مع موسى بالقصر الملكى وعاش معه طفولته وشبابه. اعتقد موسى – عليه السلام – أن أمر العودة إلى مصر أصبح سهلاً بعد موت الملك رمسيس الذى حدثت فى عهده جريمة قتل المصرى وبعد انقضاء ما يقرب من اثنى عشرة سنة قد يكون الناس فى مصر قد نسوا الجريمة، ومع احتراقه وشوقه لرؤية أهله فى مصر، وظن أن الملك الجديد (مرنبتاح) سيسامحه على خطئه ويغفر له، ليرى أهله فى مصر مرة أحرى .
هذا يعنى أن رمسيس الثانى حين مات كان موسى - عليه السلام - فى فلسطين مات وهو فى الثالثة والتسعين من عمره وكان فى آخر عامين من عمره مريضًا راقدًا فى فراشه، ولن يستطيع القيام بطقوس (عيد الحب – سد) بأبى سمبل عند معبده وكان لا يعى شيئًا فى دنياه لمرضه وعجزه إلى أن مات.
ثانيًا: فرعون موسى الذى غرق فى البحر:
حين أعد موسى - عليه السلام - نفسه وأسرته للعودة إلى مصر وأثناء عبوره سيناء تلقى من الله رسالته وكتاب التوراه وأرسله الله نبيًا لبنى إسرائيل ورسول من الله لملك مصر (مرنبتاح) وللمصريين ليخبرهم بأن الله الواحد الأحد هو رب العالمين ونفى المعبودات العديدة التى يقومون بالتعبد اليها من دون الله.
رفض فرعون وقومه – إلا امرأته - الرسالة واتهموا النبى الكريم – عليه السلام – بالسحر. وعندما طلب منه الملك مرنبتاح أن يريه ما يثبت صدقه أخرج موسى عليه السلام يده وكانت بيضاء كالثلج ورمى بعصاه فإذا هى حية تسعى، كما ورد فى القران الكريم، إلا أن الملك مرنبتاح لم يؤمن بما جاء به موسى - عليه السلام - وطلب جمع أمهر السحرة لمواجهة موسى عليه السلام والذى أستطاع التغلب عليهم مما دفعهم إلى الايمان به وبما جاء به من رب العالمين وأمر الملك مرنبتاح بقتلهم جميعًا، مما دفع موسى إلى الدعاء على فرعون مصر و قومه . وأعد موسى - عليه السلام - وبنى اسرائيل بعد اخبارهم برسالة الله لهم للإيمان به للخروج من مصر سرًا هربًا من بطش الملك مرنبتاح الذى علم بأمر خروج موسى وقومه شرقًا إلى فلسطين، فأعد جيشه وحاول اللحاق بهم للقضاء عليهم، وكان من عادة الملوك الفراعنة قبل ذهابهم إلى القتال أن يأمر بكتابة نص يكتب على الحجر يسجل فيه انتصاراته الباهرة على الأعداء لوضعه فى المعابد، ثم يخرج للقتال وعند عودته تكون اللوحة الحجرية قد تم اعدادها ولكن كان لقصر فترة خروج الفرعون لحدود مصر والعوده سريعًا مما لا يتيح للكاتب الوقت اللازم للانتهاء منها، مما اضطره إلى أستخدام لوحة من عهد الملك آمون حتب الثالث حوالى (1221-1378 ق.م) واستخدم ظهر هذه اللوحة ليسجل فى عُجالة النص المكتوب الذى جاء بخطه فيه غير متقن الذى كتب على عجل، نظرًا لضيق الوقت، ولقد أتى فيه: "ولقد قضيت على بنى إسرائيل ولم تعد لهم بذرة"، وهى اللوحة المعروفة باسم لوحة إسرائيل بالمتحف المصرى بالقاهرة، وهو ما يثبت بما جاء فيها أن الملك مرنبتاح هو فرعون الخروج حيث أنه الوحيد من دون الملوك الفراعنة لمصر الذى سجل وذكر اسم الإسرائيليين ولم يرد ذكرهم لا أيام أبيه رمسيس الثانى ولا بعده.
وكان لموت الملك فى البحر بعد ملاحقاته لموسى - عليه السلام - وقومه وغرقه وانتشاله من البحر غريقًا ربما بعد يومين من الغرق وتم نقله للقصر الملكى لتحنيطه كعادة المصريين القدماء ولتبخر مياه البحر من الجسد تبلورت الأملاح على مسام الجلد مما منع الجلد معه امتصاص موادالتحنيط وهو ما اصاب المومياء الخاصة بالملك باللون الأبيض دون عن كل مومياوات الملوك المصريين القدماء أو مومياوات الأفراد، حيث يتم العثور على المومياوات إما بلون أسود أو بنى قاتم اوغامق بسبب مواد التحنيط وهو ما يثبت بلا شك أنه فرعون مصرالذى خرج فى عهده موسى - عليه السلام -. وقد نجّا الله سبحانه وتعالى بدن الملك، كما جاء فى القران الكريم (واليوم ننجك ببدنك لتكون لمن خلفك أيه) والنجاة هنا بالبدن، أى بالجسد دون الروح لانتشاله من البحرغريقًا ليراه كل شعبه الذى كان الكهنة يوهمونه بأنه الملك الإله ابن الآلهة الذى إن مات لا يموت كإنسان، لكنه يصعد إلى السماء ليلحق بموكب الآلهة فى السماء والملقب كذلك (بابن الشمس)، فهاهوالآن جثة هامدة، مثل: أى إنسان عادى وليس إلهًا وبذلك يكون آيه وعبرة من بعده من ملوك مصر .
ومن هنا يمكننا أن نجزم أن موسى - عليه السلام - قد عاصر اثنين من فراعنة مصر الأول هو الملك رمسيس الثانى الذى التقطته إحدى زوجاته وعاش ما يقرب من الثلاثين عام داخل القصر الملكى بمدينة (بررعمسيس) شرق الدلتا والثانى هو الملك مرنبتاح ابن رمسيس الثانى الذى تربى مع موسى - عليه السلام - فى نفس القصر والذى كان يكبره بحوالى عشرة أو خمسة عشر عام وكان معًا فى القصر، حيث ورد على لسانه لموسى - عليه السلام - "ألم نربك فينا وليدًا". وكان خروج بنى إسرائيل وموت الملك مرنبتاح فرعون الخروج عام 1214ق.م.
No comments:
Post a Comment