Saturday, 15 January 2011

معبد ابيدوس

يقع معبد ابيدوس فى مركز البلينا فى سوهاج

هو معبد جميل رشيق بناه أولاً الملك "سيتى الأول"، وهو ثانى ملوك الأسرة التاسعة عشرة، ووالد الملك الشهير "رمسيس الثانى". وهو معبد جنائزى وضعه "سيتى الأول" داخل سور شامل يضم القبر القديم الذى يُفترض أنه قبر الإله "أوزيريس".

وكان يحيط بهذا المعبد أيام ازدهاره حديقة مزروعة بالنباتات المزهرة، والأشجار الباسقة. وقد كُشف حديثاً عن واجهة المعبد الأصلية، وأُعيد تركيبها، فظهر الصرحان الكبيران للمعبد، أما الفضاء الذى يليها فهو مكان الفناء الأول والفناء الثانى للمعبد. ولقد أصابهما الكثير من التلف، وهما ينتهيان بواجهة المعبد، ومدخله الحالى بأعمدته المربعة وحوائطه التى رُسمت عليها بالحفر بعض وقائع "رمسيس الثانى" الحربية، وانتصاراته فى آسيا. كذلك كُتب عليها بعض النقوش التذكارية الخاصة به.

ومما يُذكر أن "رمسيس الثانى" قد أكمل بناء معبد "أبيدوس" بعد وفاة أبيه الملك "سيتى الأول". لكن الجزء الذى تم تشييده فى عهد "سيتى" كان أعظم بكثير من الناحية الفنية عن الجزء الذى أكمل بناءه "رمسيس الثانى".

ومعبد "أبيدوس" يختلف كل الاختلاف عن تصميم غيره من المعابد المصرية التى كان يُشيد معظمها على شكل مستطيل، وكانت جميع ردهاتها وحجراتها على محور واحد. أما معبد "أبيدوس" فإن تخطيطه فريد جداً، إذ إنه على شكل زاوية قائمة، أو على هيئة الحرف اللاتينى L. وتقع مقصورة قدس الأقداس وهى المقصورة الرئيسية بشكل عمودى على سلسلة الأفنية، والقاعات المتعاقبة للأعمدة
وتوجد صالة بها أعمدة كثيرة هى قاعة الأعمدة التى شيدها الملك "سيتى الأول"، ولكن زخارفها تمت فى عهد ابنه "رمسيس الثانى". وطول هذه القاعة 55 متراً تقريباً، وعرضها حوالى 11 متراً. ويرتكز السقف على أربعة وعشرين عموداً.

والأعمدة من أسفل على شكل حزم البردى، أما تيجانها فعلى هيئة زهرة لم تتفتح بعد. وتنقسم الأعمدة إلى صفين، كل صف به اثنا عشر عموداً. وكل صف ينقسم إلى ست مجموعات، وفى كل مجموعة عمودان متقاربان، ثم يوجد ممر متسع قليلاً، ثم نجد عمودين متقاربين آخرين، وهكذا .. ويوجد فى القاعة سبعة ممرات تتصل بالممرات الأخرى التى تماثلها فى قاعة الأعمدة الثانية.

قاعة الأعمدة الثانية

وهى القاعة التالية فى معبد "سيتى الأول"، وسقفها محمول على ستة وثلاثين عموداً .. انقسمت إلى ثلاثة صفوف، فى كل صف اثنا عشر عموداً. ومثلها مثل القاعة الأخرى تتكون الصفوف من مجموعات من الأعمدة، وتتألف كل مجموعة من عمودين. وبذلك يوجد بينهما سبعة ممرات كما هو الحال فى القاعة الأولى. وتتصل الممرات السبعة ببعضها فى كل من القاعتين، وتنتهى بسبعة محاريب مقدسة، كانت توضع فيها تماثيل الآلهة .. وقد خُصِص المحراب الأول منها من ناحية اليمين للإله "حورس"، ثم محراب الإلهة "إيزيس"، ثم الإله "أوزيريس"، ثم "آمون"، ثم "حورأختى"Ra-Harakhty إله شمس الصباح، ثم "بتاح"، وأخيراً محراب الملك "سيتى الأول".

وخلف محراب "أوزيريس" يوجد باب يقود إلى قاعة صغيرة بها أعمدة، وبها ثلاث مقاصير صغيرة لثالوث الآلهة المؤلف من "أوزيريس"، و"إيزيس"، و"حورس". كما يوجد كذلك مقاصير أخرى مخصصة لكل من الآلهة "نفرتوم"، و"بتاح سُكَر"، ثم "سُكَر".

أما نقوش هذه القاعة فقد تمت فى عهد الملك "سيتى الأول". وهى نقوش بديعة جداً، ومعظم الموضوعات التى تتحدث عنها تُمثل الملك سيتى مع الآلهة العظمى لمصر، بالرغم من أن المعبد قد أُنشئ أصلاً تكريماً للإله "أوزيريس".
قائمة العرابة

من ناحية الجدار الشرقى للقاعة يوجد باب فى الحائط يقود إلى ممر ضيق يوصل إلى قاعة أخرى ذات أعمدة. وفى وسط هذا الممر يوجد أحد النقوش الهامة فى تاريخ الفراعنة. وهذا النقش عبارة عن "قائمة العرابة" المشهورة بـ"قائمة أبيدوس"، وهى القائمة التى تضم أسماء ملوك مصر الذين اعتبرهم "سيتى الأول" ملوكاً شرعيين للبلاد. وقد بدأت هذه القائمة باسم الملك "مينا"، وانتهت باسم الملك "سيتى"، متجاهلة اسم الملكة "حتشبسوت"، وأسماء ملوك عهد الإصلاح الدينى وهم "أخناتون" وخلفاؤه ومن ضمنهم "توت عنخ آمون".

فى الممر الطويل الذى يقود إلى "الأوزوريون" - الذى بدأ فى بنائه الملك "سيتى الأول" (حوالى 1290 - 1279 ق.م) بمنطقة "أبيدوس"، يقابلنا هذا النقش المجسم للإله "نن" Nun وهو يرفع المركب الشمسية لـ"خيبرى" Khepry، وهو مشهد من "كتاب البوابات" Book of Gates . ومعنى اسم "خيبرى" أو "كيبرى" هو الفعل "يصبح"، حيث كان "خيبرى" يرمز إلى الولادة من جديد والتجديد، وكان يُصور على شكل جُعران (خنفساء).

نظام الحكم ايام الاحتلال اليوناني لمصر


كان الحكم فى مصر خلال العصر اليونانى الرومانى ينقسم إلى نوعين أثنين مختلفين ، ففى خلال اليونانى اعتبر البطالمة وقد نصبوا أنفسهم إلهة لرعاياهم أما فى العصر الرومانى فكانت مصر تحت حكم نائب عن الإمبراطور الرومانى .

وإلى جانب الملك كان هناك عدداً من الوزراء وأهمهم وزير المالية ورئيس القضاة وكذلك وزير الحرب .

وإلى جانب الملك والوزراء كان هناك جهاز أدارى دقيق ومنظم يعمل به جيش من العاملين المدربين ويتكون من رؤساء ومديروا المصالح وأقسامها المختلفة .
وإلى جانب هذا الجهاز الإدارى العالى كان هناك ثلاث مدن إغريقية : نقراطيس ـ الإسكندرية ـ بطر ليميس . وهذه المدن الإغريقية الثلاثة فى مصر تمثل دولة مستقلة ذات سيادة ولكنها كانت خاضعة للملك إلا أنها تحتفظ باستقلال ذاتى بسيط مميز

أما عدا ذلك فقد قسمت مصر إلى وحدات إدارية رئيسية محافظات وغير البطالمة أسماء المحافظات المصرية الفرعونية وقد احتفظ المحافظين المصريين بمواقعهم وبمناصبهم إلى جانب تعيين حاكم عسكرى وكان يطق على المحافظة اسم " تومارخ

وكل محافظة تنقسم إلى أقاليم " توبوى " وكان لكل محافظة عاصمة أو مقر المحافظ وكان لكل أقليم حاكم إدارى " ابيستايتس " وعمدة "توبارخ" وريئس للشرطة وموظف مالى . وينقسم الإقاليم إلى مراكز والمراكز إلى قرى ولكل مركز حاكم أدارى ورئيس شرطة وموظف مالى

فكان النظام الإدارى للحكم فى خلال العصر البطلمى هرمى الشكل قمته الملك وقاعدة الشعب وقد ساعد هذا النظام الدقيق للإدارة البطالمة لسهولة حكم مصر ووضعها فى قبضهم من خلال التسلسل الإداري .

سار الرومان فى حكم مصر على نفس النظام الإدارى للبطالمة وأن زاد أحكام قبضة الحكام على هذا النظام وكان على راس الجهاز الإدارى حاكم عام ينوب الإمبراطور لحكم مصر حمل لقب " بريفكتوس" وهو قائد الجيوش والجهاز الإدارى وله سلطه تعيين وعزل الموظفين عدا ما يعينهم الامبرطور بنفسه . وهو أيضا القاضى الأول والذى كان يعقد ثلاثة اجتماعات سنوياً .

وقـد قسمـت البـلاد إلى ثلاثة أقاليم لكل أقليم حاكم يسمى " ابستراتيجوس " وهى ( الدلتا ـ مصر الوسطى ـ طيبة ) . وكل أقليم يقسم إلى " تومات " وهى تساوى " محافظات " . ولها حاكم وكان من سكان نفس الأقاليم . وكان له دور كبير ونفوذ كبير حيث كان هو واضع وجامع الضرائب ويساعده " أمين المحفوظات " يشرف على دار المحفوظات الخاصة بالأقاليم إلى جانب موظفى الإدارات المحلية ثم إدارات القرى . من هنا نجد أن نفس النظام الإدارى الذى استخدم فى مصر البطلمية هو الذى استخدم فى مصر الرومانية وأن اختلفت الألقاب . وأن اختلف وضع الموظف من مهنة يتولها ويتكسب منها إلى تكليف عن غير رضى فى العصر الرومانى

أما بالنسبة للمدن الإغريقية فقد حرص الرومان على أحكام قبضهم على النزعة الاستقلالية لهذه المدن ولم يقم الرومان بناء مدن أخرى سوى مدينة أسسها هادريان عند زيارته بمصر عام 130 م ومنحها دستور إغريقيا وأعطى مواطنها امتيازات خاصة .


نبات البردي


نبات البردى من أشهر النباتات التى عرفها الإنسان منذ فجر التاريخ، وهو نبات مائى ينمو فى المستنقعات العذبة والأراضى الضحلة التى يغطيها الماء إلى عمق لا يزيد عن 50 سم أو جوانب الترع والأراضى شديدة الرطوبة أو المياه المالحة.

وهذا النبات من ذوات الفلقة الواحدة وأسمه باللاتينى (سايبس بابيروس)، ولذا فإنه من جنس (السايبرس) أحد أجنلس الفصيلة السعدية ويوجد بمصر من هذا الجنس ما يقرب من سبعين نوعًا منها البردى(سايبرس بابيروس) وان كان لم يعد ينمو فى مصر إلا كنبات للزينة وفى بعض الحدائق إلا أنه ظل ينمو فى مصر بوفرة حتى عام 1820م ويتكون هذا النبات من ساق أرضية تعرف باسم "الرايزوم" تمتد عادة فى الغرين الذى يكون الذى يكون سطح المستنقعات، وهذه الساق ترسل جذورًا تمتد إلى أسفل داخل الطين لتحصل على الغذاء اللازم، كما يتكون فى الجزء العلوى من "الرازيزوم" براعم تتحول فيما بعد إلى أغصان هوائية (الساق) وهى ذات قطع ثلاثى تكون عادة غليظة فى أجزائها السفلى ثم تضمر تدريجيًا كلما اتجهنا إلى قمة الساق حتى تنتهى فى أعلى الساق ببرعم يتفتح عن خيوط خضراء كثيرة وهو ما يعطينا شكل "زهرة" وتكسو ساق البردى قشرة خضراء ولا يحمل الساق اى عقد ويغلف الجزء الأسفل من الساق المغمورة فى الماء بعض الأوراق الحرشفية. يتراوح عددها بين خمس وتسع ورقات حمراء اللون وهى غضة. 

استخدم القدماء المصريين البردى فى استخدامات كثيرة، فقد صنعوا من الساق حبال (عينات منها توجد بالمتحف المصرى)، كذلك أستخدم فى صناعة الحصير للجلوس عليه، أو لتغليف جثث الموتى قبل دفنها بعد عملية التحنيط وصنع الكهنة من نخاع البردى الصنادل التى كانوا يتنعلونها.

كذلك استطع المصرى القديم الاستفادة من خاصية قلة كثافته والطفو فوق الماء فصنع منها القوارب والمراكب الكبيرة المستخدمة فى صيد الأسماك والطيور

وكان نبات البردى من ضمن المواد الأولى التى استخدامها القدماء المصريين فى بناء أكواخهم ومع تطور استخدام مواد البناء، مثل: الحجر الجيرى والجرانيت إلا أنهم ظلوا متأثرين بنباتات البيئة المحيطة بهم.

ولعل أهم استخدام لنبات البردى هو صنع أوراق البردى أو لفائف البردى كمادة للكتابة والتدوين. ولما كان نبات البردى من أشهر النباتات الطبيعية فى مصر، لذا أطلق المصريين على هذا النبات أسماء متعدد أكثرها شيوعًا أسم محيت"mhit  وإلى جانب ذلك أطلقوا على الساق اسم "واج" كما أطلقوا على عود البردى "واج" .ن. محيت  wid.n.mhit  ،). كذلك أطلقوا عليه اسم "حا"  شكل

وأطلقوا على حزمة من سيقان البردى اسم "محو". أما أحراش البردى فقد أطلقوا عليها اسم "ثوفى" أو "ثوف" ، ولم يكتف المصريين القدماء بالتعبير عن نبات البردى بالأسماء السابقة فزادوا عليها اسم "منح" mnh) أو منحى mnhi  وكذلك "إتر" itr  بمعنى البردى أو بعض أجزائه كالقشور المنزوعة منه بغرض التصنيع

 
صنع ورق البردى رغم وفرة صور الحياة المصرية القديمة التى سجلت على المقابر والمعابد والآثار إلا أنه إلى الآن لم يصل إلينا أى مناظر لصناعة البردى سوى منظر واحد من مقبرة "ببويمرع" من الأسرة الثانية عشر بالأقصر. وهو يمثل رجلين يقفان فى زورق من البردى فى أحد المستنقعات ويقوم أحدهما بتقليع أعواد البردى، أما الآخر يقوم بربط ما تم اقتلاعه منها فى حزم حيث يقوم شخص ثالث بنقلها لرابع يجلس منهمك فى أعداد سيقان البردى وتجهيزها لصناعة الورق حيث صور، وهو ممسك بطرفى ساق منها بعد قطع زهرتها بين أصابع قدمه اليسرى وأصابع يده اليسرى ويقوم بنزع قشرتها الخارجية بيده اليمنى. ولا يوجد شك فى أنه منظر يمثل عملية أعداد النبات لتصنيعه. وقد قام كثير من العلماء بمحاولات لتصنيع البردى حديثًا منهم بروس Bruce J مع بدايية القرن التاسع عشر الميلادى والفريد لوكاس إلى أن نجح "باتسكوم جن " B.Gunn  فى صنع عينة فاخرة من النبات موجودة الآن بالمتحف المصرى. وتمتاز بمتانتها وقوتها وقابليتها للالتواء، وقد أتبع الخطوات الآتية

قطع سيقان البردى وهى خضراء إلى أطوال يسهل تناولها، ثم نزع قشرتها الخارجية وشق اللب الداخلى إلى شرائح سميكة ليس من الضرورى أن تكون ذات سمك واحد تمامًا، وذلك بعمل حزوز فى أحد طرفى لب ساق البردى، ثم يؤتى بقماش يمتص الماء ويوضع على خوان ونصف عليه هذه الشرائح بحيث كان متازنة ومتداخلة قليًلا. وتغطى بقطعة قماش ويدق عليها لمدة ساعة أو ساعتين بمدق ثم توضع فى مكابس لبضع ساعات فتلتحم الشرائح وتتماسك دون استخدام أى مواد لاصقة.

غير أن أنجح المحاولات الحديثة لصناعة البردى تلك التى قام بها الدكتور مهندس/ حسن فهمى رجب مدير وصاحب متحف د/رجب للبردى، حيث بدأ عام 1961 م فى محاولة الحصول على عينة من نبات البردى الموجود بوادى النطرون واستطاع زرعها فى مزرعته بجزيرة يعقوب وقد قام بالعديد من التجارب والأبحاث ونجح بعد سنوات من إنتاج نوع من البردى شديد الشبة بأوراق البردى الموجودة فى المتحف المصرى بالقاهرة.

1.         ينزع القشرة الخارجية الخضراء للنبات وهى سميكة ومتينة وكان المصريين القدماء يستخدمونها فى عمل السلات والصنادل.
2.        يؤخذ ذلك الساق المنزوع قشره، وقد أطلق عليه اسم النُخاع وهذا الجزء فقط الذى يستخدم فى عمل ورق البردى.
3.        تقطع الساق إلى شرائح طولية، على ألا يزيد سمكها على 3مم ويعتمد سمك الورقة على سمك الشرائح.
4.        توضع الشرائح بعد ذلك فى أحواض ماء عذبة، وذلك لإذابة الأملاح والسكريات الموجودة فى النبات بعد بضعة أيام تؤخذ الشرائح وتدرفل بدرفالة ثقيلة على لوحة خشبية، لاستخراج السوائل من الشرائح.
5.        تقطع بعد ذلك الشرائح إلى مقاسات مختلفة حسب المطلوب، ويتم ذلك على لوح من الخشب.
6.        يرص الشرائح على قطعة من القماش أكبر من حجم الورقة المطلوبة مرة أخرى وترص الشرائح مرة أفقية وأخرى رأسية، على أن يراعى أن كل شريحة طرفها على الأخرى، وذلك حتى لايسمح بوجود ثقوب بالورقة ثم تغطى بقطعة أخرى من القماش.
7.        تدرفل الشرائح داخل قطع القماش ثم توضع بين قطعتين من اللباد ليمتص الماء الزائد ثم توضع تحت المكابس لمدة ساعتين على أن يغير اللباد كل عشر ساعات، ثم يترك الورق تحت المكبس لمدة 12 ساعة أخرى.
8.        ترفع الأوراق من المكبس، وبذلك تنتهى آخر مراحل تصنيع البردى. وتم هذه الطريقة لتصنيع ورق البردى باسمه بوزارة الصناعة بأكاديمية البحث العلمى عام 1977 م.

وكان من أهم استناجاته أن صنع ورق البردى لا يتم فيه أى ناحية كيميائية وتلتصق الشرائح بعضها البعض دون استخدام أى أنواع من مواد اللصق

ستخدم المصريون القدماء البردى كأوراق للكتابة عليه فى لفائف طويلة تصل فى بعض الأحيان إلى45 مترا تقريبًا وهى بردية هارس الأولى. 

وكان يراعى عند عمل اللفة أن تلصق أطراف الصفحات بعضها ببعض بواسطة مادة نشوية لاصقة، بحيث تغطى كل صفحة ما يقرب من 1 – 2 سم من الطرف الشمالى للصفحة التالية لها ويسمى هذا الجزء بالوصلة، وهى تمتاز بخشونتها وزيادة سمكها، وتكون الوصلة دائماً زاوية قائمة مع الألياف الأفقية للصفحات، وقد أطلق المصريون على كل ورقة أو صفحة منها اسم "قعحت".

   وقد كانت بداية ونهاية اللف، وهى أكثر أجزائها عرضة للتلف يقويان بشرائح تلصق من أسفل لحمايتها، وكان يراعى عند لصق صفحات اللفة مع بعضها أن تكون جميع الألياف الأفقية للصفحات على الوجه الأول والألياف الرأسية على الجانب الآخر، فيما عدا حالات قليلة جداً كان الكاتب يقوم بلصقها خطى.

وكان وجه اللغة ويسمىRecto  هو الذى يكون من الجانب ذى الألياف الأفقية للصفحات، وهو المخصص أصلاً للكتابة، بينما الظهر يسمىVerso  ويتكون من الجانب ذى الألياف الرأسية للصفحات، التى تكون متوازية مع الألياف (الوصلات) وكانت البردية تطوى عادة بحيث تكون أليافها الأفقية داخل اللفة، أما الألياف الرأسية، وهى ظهر اللفة فتكون من الخارج. وكانت ملفات البردى بعد الانتهاء منها تطوى على هيئة أسطوانة تقريبًا ارتفاعها هو نفس ارتفاع الصفحات التى تتكون منها اللفة، بينما يتوقف سمكها على عدد الصفحات وكانت البرديات الرومانية تلف حول ساق خشبية أو حول قطعة من العظم

كان المصرى القديم يبدأ كتابته على الجانب ذى الألياف الأفقية من اللفة، وعند الانتهاء من هذا الجانب كان يتم موضوعة على الجانب الآخر ذى الألياف الرأسية.

وقد استخدم المصرى القديم الخط الأفقى والرأسى فى الكتابة على البردى، ثم اقتصر الخط على الخط الأفقى فقط منذ الدولة الوسطى وأصبح الخط الرأسى مقصورًا على بعض العناوين. وكان الكاتب هامشًا دون كتابة تقوى بشرائح من ورق البردى باتساع يتراوح بين 5 سم و 9 سم حيث إنها أكثر أجزاء البرية عرضة للتلف. 

ولم يكن الكاتب المصرى مهتما بترقيم صفحاته ولم توجد الأرقام إلا فى بردية واحدة هى بردية إبرز Ebrs التى رقمت صفحاتها من رقم (1) إلى رقم (110) مع إغفال الصفحتين 28، 29. 

وكان الكاتب يكتب موضوعاته على ورق البردى، دون ترك فراغ عند بداية السطر الأول أو مع بدايات الفصول والفقرات المتتالية ولم يكن يميزها غير بعض الكلمات التى تكتب بالمداد الأحمر وستمر حتى نهاية الموضوع. 

وأحيانًا كان الكاتب يكتب العنوان على ظهر البردية من الصفحة الأولى بحيث يمكن قراءتها بعد لف البردية. وكان يصحح الكاتب أخطائه بالحبر الأحمر أو بإزالته. 

واستخدم المصرى القديم الحبر (المداد) من كربونات الكالسيوم (اللون الأبيض) والكربون(اللون الأسود)  وكبريتات الكالسيوم(اللون الأصفر) والهيماتيت (اللون البنى) وأكسيد الرصاص الحمر(اللون الأحمر) أما اللون الأزرق والأخضر كانا من الزجاج المسحوق. وكانت الألوان تصنع على هيئة أقراص بعد سحق المادة جيدًا ثم مزجه بالصمغ والماء ثم تجف للاستعمال. 

على أنه لم يستخدم فى الكتابة سوى اللونين الأسود والأحمر، أما باقى الألوان فكانت تستخدم فى التلوين، واللون الأسود يرجع تاريخ استخدامه فى الكتابة بمصر إلى عصر ما قبل الأسرات سنة 3400 ق. م.

استخدم الكتبة المصريون المداد الأسود فى كتابة موضوعاتهم المختلفة على ملفات البردى أما استخدام اللون الأحمر فكان محدوداً فى بادىء الأمر، واعتاد المصريين القدماء منذ بداية الدولة الوسطى على كتابة الشهر واليوم فى تواريخهم باللون الأحمر، فيما عدا بعض الحالات.
وفى الموضوعات الأدبية فحين تقسم إلى جمل صغيرة كان يضع نقطة صغيرة حمراء أو كان يبدأ الجملة أو الفقرة باللون الأحمر أو كتابة الكلمات المراد إظهارها لأهميتها وكذلك فى كتابة الكلمات الختامية من كل بردية. وقد استخدم المصرى القديم البردى للرسم والتلوين، كما استخدمه للكتابة عليه ونرى ذلك فى كتاب الموتى الذى كان يوضع مع المتوفى.


الفرعون منكاو رع

عصر الاسرة الرابعة-الدولة القديمة
عصر بناة الاهرام
استمرت مدة تولية حكم مصر حوالي 28 عام

تولى منكاو رع حكم مصر بعد والده خفرع , وبالرغم من أنه كانت مدة حكمه طويلة بين 21 - 28 سنة إلا أنه لم يستطع إنهاء الهرم الذى سيكون مثواه الأخير  , وقام بإنهاء بناء هرمه شبسس كاف، الذى حكم مصر بعد موت  منكاورع , وقد عثر على بعض المجموعات النحتية الرائعة له من حجر الشيست تمثله مع الربة حتحور وإحدى رموز مقاطعات الوجه القبلى

 
الملك الشاب منكاو رع قائما يمتلئ جسمه بحيوية الشباب يمتلئ بالعضلات متناسق الجسم , يلبس تاج الصعيد الأبيض واللحية المستعارة والنقبة , وإلي يمينه الآلهة حتحور المتوجة بقرص الشمس بين قرني البقرة تطوقه بذراعها اليسري  وتمسك في يمناها علامة " شن " رمز حمايتها للملك الشاب , وعلي يساره تقف سيدة تجسد مقاطعة الصعيد السابعة عشرة " أسيوط " برمزها فوق رأسها أبن أوي ( ربة الصعيد ) .
عثر علي هذه المجموعة في معبد الوادي للملك منكاورع , هذه المجموعة من الشست – الدولة القديمة – الأسرة الرابعة  - المتحف المصري

مملكة تدمر


مملكة تدمر (وتقع عاصمتها في مدينة تدمر في وسط الجمهورية العربية السورية وقد كانت من أهم الممالك السورية القديمة التي ازدهرت بشكل خاص عهد ملكتها زنوبيا تبعد 215 كيلو متر شمال مدينة دمشق70 كيلو متر عن مدينة السخنة وحوالي 160 كيلو متر عن مدينة حمص ونهر العاصي وكانت حضارتها تنافس حضارة الإمبراطورية الرومانية القديمة

دينة تدمر مدينة أثرية تعد من أقدم المدن التاريخية في العالم التي تنتشر أوابدها على مساحة كبيرة مثل الشارع المستقيم الذي تحيط به الأعمدة وقوس النصر والمسرح والمدرج والساحة العامة والقصور والمعابد وأهمها معبد بل (بعل) والمدافن الملكية وقلعة ابن معن وتماثيل وآثار كثيرة تنطق بعظمة مدينة تدمر التي نافست عاصمة الإمبراطورية روما أيام مجدها وأصبحت عاصمة لأهم ممالك الشرق مملكة تدمر


كانت مدينة تدمر محطة تجارية في غاية الأهمية بين آسيا وأوروبا حيث تقع تدمر بين نهر الفرات والبحر الأبيض المتوسط  ازدهرت مملكة تدمر في النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد وكانت تحمل طابع المدن الإغريق ية الرومان ية بأبنيتها الملكية ومساكن الإدارة وطراز الأبنية العامة والخاصة والتي تتميز بالفخامة فقد كانت المدينة اغني المدن وأكثرها ثراء وعظمة، فيها الكثير من الآثار والتي تعد من أهم أوابد وآثار المدن القديمة بأهميتها وفخامتها وعظمتها. وتنتشر آثار تدمر على بقعة واسعة الأرض من البوابات وأقواس النصر والشارع المستقيم، وأثار ومعابد كثيرة على امتداد الموقع

كانت الطبيعة السكانية لمملكة تدمر مقسمة إلى طبقات هم:
النبلاء والكهنة والمواطنين
المواطنون هم أبناء العشائر وكان بعض هذه العشائر أحلاف.
أحرار، عبيد، أجانب.
العبيد وهم عبيد السادة وخدمهم
الأجانب وهم التجار والوافدين إلى المملكة المزدهرة تجاريا بقصد العمل أو التجارة.

 
وقد اعتنى التدمريون بالزراعة، فواحة تدمر الغناء يزرع فيها كافة أنواع المزروعات وأهمها النخيل، كما وأنهم نظموا الأقنية المتطورة وأساليب الري وأقاموا السدود لحجز وجمع المياه وتنظيم توزيعها وفق نظام وترتيب متطور خاص. وحفروا الآبار للشرب والري وشيدوا الأحواض والخزانات. أما في العصر الحديث فأغلبية السكان يعملون في السياحةوغيرها

كانت مدينة تدمر الأثرية عاصمة مملكة تدمر من أجمل المدن وأكثرها تطورا بمبانيها الفخمة وشوارعها وتنظيمها وتعد العاصمة التجارية وواحدة من أهم المدن التجارية وأكثرها ازدهارا. كانت القوافل الواردة إليها والمنطلقة منها لاتتوقف ليل نهار، وكان لتجارة تدمر المراتب العليا بين التجار والقوة في التاريخ القديم. وآثارها تدعو للتأمل والدهشة والفخر بعظمتها وضخامتها، وتدمر من أهم المدن والممالك التجارية لها معاملاتها مع كافة الحضارات المعاصرة لها في الشرق والغرب. وكانت مراسلات تجار تدمر ومكاتباتهم التجارية تتم باللغة الآرامية (اللهجة التدمرية  لتعاملاتهم وتجارتهم مع الشرق، وباللغة الرسمية باللاتينية في تعاملاتهم مع الغرب (في زمن الرومان) والإمبراطورية الرومانية.وأيضا كان يمر منها طريق الحرير التاريخي من بلاد ماوراء النهرين انذاك إلى افريقيا والجزيرة كما كانت من أولى الممالك التي كانت تتسم بالتسامح الديني حيث عثرت البعثات الأثرية علىالكنائس وأيضا الكنس اليهودي كما عثرة على معابد لمتعبدي النار والشمس والخمر واللات والعزى حيث يوجد في متحفها للان تمثال اللات وزاخوس اله الخمر وعشتار الهة الخير وبل حامي المدينة اله الشمس

ازدهرت مملكة تدمر وخاصة في عهد الملكة زنوبيا القوية وأصبحت مدينة تدمر الأثرية عاصمة المملكة أهم مدن الشرق ونافست روما وسيطرت على المنطقة من حدود آسيا الصغرى في الشمال إلى مصر في الجنوب ومن شمال شرق سوريا إلى غرب سوريا والبحر الأبيض المتوسط  وقد عرفت الملكة زنوبيا ملكة تدمر بأنها أهم ملكات الشرق وأكثرهم قوة لذلك أطلق عليها (ملكة ملكات الشرق).

كان التدمريون شعب تجاري بحت وله سمعته التجارية كأهم الشعوب في مجال التجارة، وكذلك اهتم التدمريون بالدين والعبادة والآلهة، كان شغفهم كبير في بناء المعابد ودور العبادة والعناية بالقبور بشكل كبير وواضح. وكانت آلهتم ومعبوداتهم كثيرة العدد وتقارب الثلاثين من الآلهة، وعلى رأسها المعبود الأعلى بل الإله بل التدمري - والذي يظهر في المنحوتات التدمرية بشكل كبير، فأكثر الآلهة التدمرية تصور معه حسب المناسبات، ولكنه أكثر ما يمثل مع قرينته بلتى ويرحبول كان الثلاثي (بل - يرحبول - أغلبول) يتمتع بأكثر شعبية في مملكة تدمر

ويعتبر معبد بل من أكبر وأشهر المعابد الدينية في الشرق القديم. فمنذ القرن الأول الميلادي بني بناؤه الأساسي على جزء من الأرض وظل يبنى ويتوسع حتى أواخر عهد تدمر لأهميته، إلى أن أصبح بمقاييس ضخمة (220x205) متر، وأحيطت جدرانه ب 375 عمودا طول الواحد منها أكثر من 18 مترا وهو من الضخامة بحيث لا يوازيه أي معبد آخر في الشرق، ولا يزال قائما من أعمدته سبعة في الواجهة الرئيسية وعدد آخر في محيط المعبد. أما المدافن الملكية والمدافن العادية فهو فن ومجال أبرز فيه التدمريون براعة مميزة. وكانت أبعد من أن تكون مقابر، حيث كانت تزين بالورود وأماكن للجلوس يسمونها بيت الأبدية أو بيوت الأبدية ويتم العناية بها بشكل كبير بالمنحوتات والتماثيل. ومنذ القرن الثاني صار المدفن أشبه بالبيت من طابق واحد يتسع أحيانا إلى ثمانين قبرا وكانت جدرانه منحوتة بدقة وبراعة


مفهوم الجنة والنار في عهد الفراعنة


عاش المصرى القديم على ضفاف النيل من ألاف السنين يبنى حضارته العظيمة، ولقد تعايش مع البيئة المصرية الطبيعية منها وغير الطبيعية، وكان للطبيعة الجغرافية لمصر أثرًا كبيرًا فى تشكيل وإظهار عقائده التى اعتنقها وصاحبته طوال حياته عبر العصور الفرعونية، بل وفى عقائده الدينية والجنائزية وبعد وفاته.

فكما آمن بالحياة وعمل بكل طاقته الذهنية والبد نية فى الاستفادة بكل ما أتاحته البيئة المصرية من أرض وما بها من كنوز، ومناخ وظواهر طبيعية، وأيضًا الكون وما به من ظواهر فأنتج لنا حضارة عظيمة أساسها الإيمان بالحياة، فعمل لها كأنه سيعيش أبد الدهر فبرع فى كل مجالاتها، وأصبحت مصر نبراسًا للشعوب الأخرى.

    وكما آمن المصرى القديم بالخير وحث عليه طوال حياته، وأوصى به لأولاده وأولاد أولاده، وآمن – أيضًا - بالشر وأوصى بالبعد عنه واستطاع خلال حياته الدنيوية عبر ثلاثة آلاف عام أن يسجل التعاليم من الحكماء بالدعوة للخير والسلام، والتمجيد والاستحسان للأخيار، وأوفر الجزاء فى الدنيا للأبرار على حد سواء.

وفى عقيدة البعث والخلود التى آمن بها وهى نتاج الظواهر الطبيعية التى لاحظها وأثرت فى هذه العقيدة، فقد رأى بعد كل غروب للشمس شروق، وبعد كل فيضان فيضان آخر، وبعد إنبات النبات إنبات آخر. فآمن بأن له حياه أخرى بعد الموت، وكما آمن بالخير والشر فى الحياة الدنيا، فقد عمل على تمييز الأخيار عن الأشرار وإعطاء كل ذى حق حقه سواء بالجزاء الحسن أو العقاب الصارم.
    وكما اعتقد بأن هناك جنة للأبرار، وهى ما أطلق عليه اسم ( يارو) أى حقول أوزير، اعتقد أيضًا أن هناك نارًا وجحيمًا للأشرار، وأطلق عليها (سج)، ولهذا آمن بوجود محاكمة فاصلة للموتى بعد الموت لكل متوفى أمام (أوزير) إله العالم الآخر ورب الموتى فلابد من محاكمة عادلة لكل إنسان ليلقى جزاء ما اقترفت يداه خلال حياته الأولى، إن كان خيرًا فخير وإن كان شرًا فشر.

 
أولاً: المحاكمة

   يعتقد المصريون القدماء – بعد الموت – أن إقامتهم بالقبر ليست أبدية، إنما هناك محاكمة إلى حياة أخرى وهى الحياة الأبدية الخالدة

وهى ما عبر عنها فى اللغة المصرية القديمة (دى عنخ جت جح ) وترجمتها (ليعطى الحياة أو الأبدية)، والتى كانت تختم بها كل دعوا تهم على المقابر.
وليعبر هذه الفترة بين الموت والحياة الثانية لابد من محاكمة أمام إله العالم الآخر (أوزير). وقد تخيل المصريون القدماء المحاكمة بطرق مختلفة وإن اجتمعوا على العناصر الرئيسة فى تصورهم لها، مع الوضع فى الاعتبار أن ما ورد إلينا من مناظر للمحاكمة تم تصويره باختيار صاحب المقبرة قبل وفاته، وطبقًا لرغباته هو وما يتمنى لنفسه، كما ظهرت فى التعويذات 30و125 من كتاب الموتى

فنجد فى الجزء الأول من منظر المحاكمة، وغالبًا ما يكون أعلى المنظر، والذى يبدأ بتصوير المتوفى واقفًا أو راكعًا يبرئ نفسه أمام الإله (أوزير) فقط والبعض الآخر صور نفسه أمام جميع الآلهة العظيمة والكبرى، مثل: (رع، جب، نوت، حتحور، إيزيس، حورس) مُدللاً على براءته لهم من أى ذنب. فى حين نجد أن البعض الآخر صور نفسه أمام اثنين وأربعين إله ممثلى العدالة فى أقاليم مصر كل الاثنين وأربعين مقاطعة، على رأس كل منهم ريشه العدالة والتى كان يطلق عليها اسم (ماعت)، والمثال الأول أراد المتوفى (أثناء حياته) أن يؤكد براءته من أى ذنب أو إثم أمام الآلهة؛ مما يؤكد تدينه وثقته المفرطة لكى يثبت براءته أمام كل الآلهة. والمثال الثانى أراد المتوفى إبراء نفسه فى كل مقاطعات مصر ويقسم بأسماء هؤلاء الآلهة كل باسمه وينفى عنه ذنب من الذنوب. فيبدأ بمناجاة كل إله باسمه ولقبه وينفى عن نفسه ذنب مثل لم أسرق، لم أقتل

 
وحين ينتهى هذا المشهد حتى ويعطى له الإذن بالدخول إلى قاعة العدالة والمحاكمة أمام رب العالم الآخر (أوزير) والتى صورت على هيئة قاعة واسعة بها عرش (أوزير) داخل مقصورته وأمامه الآلهة (حتحور أو إيزيس و نفتيس). وهنا يظهر المتوفى قادمًا يسوقه من يده إلى المحاكمة الاله (حورس) وخلف المتوفى (الكا) الخاص به و(الكا)هو القرين الذى لازم المتوفى أثناء حياته وبعد مماته ليلاً ونهارًا كظله فهو يعلم عنه كل شىء ووجوده هنا ليكون شاهدًا عليه، فهو يعلم عنه كل شيء ويتوارد إلى الذهن هنا المشهد نفسه فى يوم الحساب فى الإسلام من أن كل إنسان سوف يكون معه سائق وشهيد عليه.

فكيف توارد إلى الذهن المصرى القديم هذا المشهد رغم نزول القرآن بحوالى ألف عام من انتهاء العصر الفرعونى؟


 
وخلف المتوفى تقف الإلهة (ماعت) ربه العدالة التى زينت رأسها برمز العدالة الريشة (ماعت)، والتى توضع فى الميزان لوزن القلب وبين عرش (أوزير ) والمتوفى وقرينه وحورس وماعت نجد فى منتصف القرد والقرد هنا هو الإله (جحوتى) رب الحساب والعلم وفى بعض المناظر الأخرى يظهر أبو قردان الملقب ب(تحوت) رب الحساب وهو يقوم بتدوين نتيجة الوزن لتقديمه للإله (أوزير) وفى الميزان أن الكفة التى بها قلب المتوفى الواقف بجوار الميزان. أما رمز العدالة سواء (الريشة) أو رمز الإلهة (ماعت ) وعلى رأسها الريشة ناحية الإله (أوزير)، وفى الغالب يقوم المتوفى بطلب تمثيل القلب فى نفس وزن الريشة بالتساوى من الرسام المعد للمنظر ولم يعثر على منظر يمثل القلب أثقل أو رمز العدالة أثقل، فكل المناظر تمثل القلب فى نفس وزن رمز العدالة، لأن هذا دليل البراءة للمتوفى الطيب.

 
وهذا يدل أن المصرى القديم اعتقد أن القلب، والذى أطلق عليه اسم (إيب) هو مصدر الخير أو الشر فالقلب هو وعاء الأعمال، فكما يقال (قلب حجر أو قلب أسود ) لتشبيه الأشرار، فالمصرى القديم شبه هذا بالقلب الملىء بالآثام والذنوب لابد وأن يكون ثقيلاً.
 وفى الإسلام نجد أن فى أحاديث الرسول الكريم ما فحواه (أن فى الجسد لمضغة أن صلحت، صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله، وأيضًا (التقوى ها هنا، وكان يشير إلى قلبه) وأيضًا (أن الله لا ينظر إلى وجوهكم ولكن ينظر إلى ما وقر فى قلوبكم). أى أن الأعمال السيئة تبقى فى القلوب، وإدخال شيء إلى شيء يثقل من وزنه فالفيصل هنا وزن القلب.

وفى القرآن الكريم ورد ذكر الميزان فى سورة الرحمن (والسماء رفعها ووضع الميزان) وأيضًا (ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره) سورة الزلزلة.

ويقول العامة الآن فى مصر (قلب خفيف) و(قلب ضعيف) و (قلب حجر) و (قلب أسود).

هذه أمثلة تثبت لنا أن القلب المملوء بالآثام والذنوب يكون ثقيلاً، لمعرفة صدق هذا الإنسان من غيره لابد من وزن القلب. ولحرص المتوفى قبل وفاته يطلب من الفنان تصوير وزن قلبه مساوى لوزن رمز العدالة دليل على براءته من أى ذنب.

فكيف توارد إلى ذهن المصرى القديم هذه الفكرة ؟
وعند وزن القلب وإثبات براءته من الذنوب يسجل (تحوت) إله الحساب النتيجة ويعرضها على (أوزير) رب العالم الآخر الذى يوافق بعد هذا على منح المتوفى الحياة (عنخ) ليبدأ حياته الآخر.
بجوار الميزان يقبع إله آخر شكله المصرى القديم على هيئة حيوان رمزى مكون من رأس تمساح ومقدمة أسد ومؤخرة سبع البحر وأطلق عليه اسم (عامو)، أو (عم عم)، أو (يم يم) وهو ما أطلق عليه بالعربية (الملتهمة) الذى يلتهم قلب الآثمين إذا ما أثبت الميزان جرمهم فى حالة ثقل القلب. ومعنى التهام هذا الإله القلب فقدان المتوفى قلبه وحياته سواء فى البر أو النهر أو البحر فليس له مكان على الأرض مره أخرى.

 فبعد المحاكمة وحين تظهر براءة المتوفى ويسجل هذا الإله (تحوتى) رب الحساب ويعرضه على الإله (أوزير) رب العالم الآخر الذى يقوم بإعطاء المتوفى حياته الثانية المتمثلة فى علامة (عنخ) ليبدأ حياته الجديدة.

ونجد أن المصرى القديم قد سجل فى كتاب (البوابات ): ( إن أبدانكم سوف تقوم من أجلكم). (إن عظامكم سوف تلتحم من أجلكم ). (سوف ينزعون عنكم أكفان المومياء وتلقون جانباً أقنعة المومياء) (تحرروا مما يضجركم كى تتمتعوا بالحقول (يارو ) الجنة وتصوير المصرى القديم للجنة (يارو) أو حقول الإله أوزير كما وردت فى كتاب الموتى التعويذة 110.

عبارة عن أنهار ماء تجرى باللون الأزرق وبينها حقول (أوزير) والمتوفى ويزرع وبها عيون ماء مختلفة الألوان ويقوم المتوفى بالإبحار بحريه فى هذه الأنهار بمركب صغير يحمله وحده. وفى بعض المناظر تكون زوجته خلفه فى حقول (أوزير).


ومنظر آخر يمثله وهو جالس أمام مائدة القرابين يأكل ويشرب من الطعام والفواكه والمشروبات وصور منها (الخبز– البيرة- البصل– اللحم– الخس– البط– الإوز) ومن الفواكه (الرُمان ـ العنب ـ التين ـ .........).

والسؤال؟ لماذا تصور المصرى القديم الجنة بهذه الكيفية ؟

لقد تخيل أن هذه الجنة تحت الأرض، وسبب ذلك دفن المتوفى تحت الأرض فى المقبرة ووجود الأنهار نابع عنده من حفر الآبار وخروج الماء منها.

لذا تخيل أن هذه الجنة للحياة الآخرى أسفل الأرض بها أنهار كثيرة تروى منها حقول أوزير، ولكن ماذا عن شكل البحيرات واختلاف ألوانها التى تعطى انطباعًا لتغير مذاقها؟

ويتبارد للذهن ما ورد فى الإسلام عن الجنة للمؤمنين الصالحين "لكن الذين إتقوا ربهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلاً من عند الله وما عند الله خير للأبرار" سورة أل عمران آية 198، وأيضًا "تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم" سورة النساء آية 13.

وما ورد عن وجود أنهار مختلفة فى شرابها ومذاقها وألوانها " وأتهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين" محمد 15 كذلك ورد عن الإسلام كلمة "خالدين  فيها أبدا".البينة 8 
وهى ما كان المصرى القديم يقول فيها (جت حح ) بمعنى خالدين ابدا باللغة المصرية القديمة وأن كان المصرى القديم تخيل الجنة صورة مصغرة لمصر وعيونها. 

إلا أن هذا التشابه بين وصف الجنة فى مصر القديمة وما ورد فى الكتب السماوية، ليعطى الحق للعقل البشرى أن يتسأل كيف ورد إلى ذهن المصرى القديم تصوره عن الجنة بهذه الصورة؟

والأرجح ومن المعقول إنه أخذها من رسل الله ـ سبحانه وتعالى ـ الذين وفدوا على مصر فى عصور سبقت عصر الرسالات السماوية حيث زارها العديد منهم كما سنرى.

كما اعتقد المصرى القديم فى الجنة للأبرار، فقد أعتقد –أيضًا- فى النار أو الجحيم للأشرار، ولقد أطلق عليها اسم (سج) ومعناها فى اللغة المصرية القديمة (النار)، وقد تخيلها المصرى القديم كما وردت على أوراق البردى بكتاب الموتى التعويذة رقم 17.

عبارة عن بحيرة باللون الأحمر يلقى فيها الأشرار فتحرق أجسادهم، وسر تمثيلها بالبحيرة وحتى لا يستطيع الآثم الخروج منها بسهولة. وفى بعض المناظر وتحاط هذه البحيرة بسور أسود سميك، ليس له مدخل أو مخرج مغلق تمامًا. فالداخل إليها مفقود وليس له سبيل للخروج منها، ويحيط بها من الخارج عشرة ثعابين من ثعابين الكبرا القاتلة والغرض منها الآثم الذى يحاول النجاة من بحيرة النار. وفى الأربعة أركان لهذه البحيرة نجد ثمان أو أربعة قرود قابعة على الكرسى لحراسة هذه البحيرة أو الجحيم لمنع الآثمين من الفرار ونجد فى بعض المناظر قرد واحد لكل ركن أو قردان وفى النهاية على الأربع جوانب من النار نجد علامة (سج) ومعناها النار. وفى منتصف البحيرة نجد جثث الآثمين محروقة، وقد أصبح لونها أسود، وبدون رأس .

ونجد أن كلمة (سج) باللغة المصرية القديمة، قريبة الشبه بمراد فها باللغة العربية (سجيل) آحد اسماء جهنم.

وقد ورد العديد من تصوير الجحيم أو النار فى كثير من البرديات ومناظر المقابر، وإن اختلفت التفاصيل إلا أن المضمون والأصل فيها واحد، ألا وهو تصوير حرق الآثمين فى بحيرة النار مفصولى الرأس، مقيدة أذرعهم وفى بعض المناظر فى وضع مقلوب.

الحياة بعد الموت: أى البعث من الموت مرة أخرى ليحيى حياته الثانية، من أخبره بأن هناك حياه ثانية بعد الموت، وخاصة وهو لم ير أحد الموتى يبعث مرة أخرى ويخبره بما حدث!!

·   الروح: وهى إحدى مكونات الإنسان التى اعتقد أنها تعيش فى الجسد مدى الحياة، ثم تتركه صاعدة إلى السماء على هيئة طائر له رأس ووجه المتوفى والتى أطلق عليها (با)، من أخبره عن الروح رغم كونها سر من أسرار الله ـ سبحانه وتعالى ـ لم يطلع بشر حتى الآن عنها ، (ويسألونك عن الروح ، قل هى من أمر ربى) وخاصة وهو لم يرى من قبل أحد الموتى وقد خرجت منه الروح !!

·   القرين: وهو نسخة من الإنسان تلازمه طوال حياته تحت الأرض، ويتقابل معه عند المحاكمة للشهادة عليه سواء بالخير أو الشر، لأنه يراه ليل نهار أثناء حياته فالقرين الذى أطلق عليه المصرى (كا) يعلم كل صغيرة وكبيرة عنه، وقد ورد فى القرآن الكريم أن لكل إنسان قرين. 

·   المحاكمة أو الحساب: وهو يوم الحساب والجزاء الذى يشهده (أوزير) لمعرفة أعمال المتوفى من حيث صلاحها وفسادها. ففكرة الحساب والعقاب واردة فى الرسالات السماوية، فمن أين عرف المصرى القديم أن هناك يوم للحساب والعقاب فى العالم الآخر؟ 

·   الميزان ووزن القلب: وهو المقياس الذى تخيله المصرى القديم لقياس مدى صلاح أو فساد الإنسان، ومعرفه كونه طيبًا أو خيرًا أو شريرًا.

·   القلب أو النية: وهو مصدر الخير أو الشر فى الإنسان. والقلب وعاء الأعمال وكونه خفيفًا أى خاليًا من الآثام والذنوب دليل طيبته وصلاحه والجزاء الجنة وكونه ثقيلاً أى مليئًا بالآثام والذنوب دليل فساده وشروره فمصيره النار أو الجحيم.

·   الجنة (يارو): وهى حقول الإله (أوزير) رب العالم الآخر وهى جزاء الأبرار ليحيوا حياه ثانية هنيئة تجرى من تحتها الأنهار، وبها عيون للشراب ويعيش بها مع الآلهة.

النار أو الجحيم (سج): وهى الجحيم أو جهنم للأشرار، عقابًا على ما اقترفت أيديهم من آثام وذنوب.

وهنا وقفة مع المصرى القديم، فنحن نجد أن هناك تشابهًا كبيرًا بين معتقدات المصرى القديم وما ورد فى الرسالات السماوية وخاصة الإسلام عن البعث والحياة والجنة والنار، رغم أن المسيحية والإسلام بدأت حوالى بعد 332 عامًا و 940 عامًا بعد انتهاء الحضارة المصرية، وهذا يرجع إلى أن مصر أرض الحضارات، شهدت زيارات للعديد من أنبياء الله ـ سبحانه وتعالى ـ الذين حملوا للبشرية أعظم الرسالات لبنى الإنسان لكى يستطيع الحياة على الأرض فى سلام. 

فقد شهدت مصر (شيث) بن( آدم) عليهما السلام ثانى الأنبياء وأيضًا (إدريس) عليه السلام و (إبراهيم) وابنه (إسماعيل) عليهما السلام وقد تزوجا من مصر، وكذلك (يعقوب) وأولاده ومنهم ( يوسف) ـ عليهم السلام ـ ومن أحفاد أحفاده (موسى) -عليه السلام- كل هؤلاء الأنبياء عاصروا مصر الفراعنة، وحملوا رسالات الله إلى الإنسان والإنسانية لتذكير الإنسان عامة بخالقه ولإعلامه بوجباته وحقوقه ودوره فى الحياة. ونظرًا للتطور الكبير للجنس البشرى، فكان الله يرسل رسالتة الواحدة تلو الآخر لتواكب هذا التطور ولإرشاد الإنسان إلى الطريق المستقيم. ولقد وجدت هذه الرسالات من الرسل من يتلقى منها وينتقى بعض من مفاهيمها ونقصد بهم الكهنة بالمعابد المصرية القديمة فقاموا بمزج هذه العقائد القديمة بما علموا به من خلال تلك الرسالات، فحدث هذا التشابه العجيب بين الرسالات السماوية وبين المتعقدات المصرية.

معبد هيبس


يقع المعبد شمال مدينة الخارجة ومعبد هيبس اسمه الاصلي هبت وهي كلمة فرعونية تعني المحراث وهي تؤكد ازدهار الزراعة قديما بالمنطقة التي كانت سلة غلال مصر.يقع هذا المعبد عند مدخل مدينة الخارجة شيد هذا المعبد على مساحة قدرها 798 مترا مربعا ، طوله 42 متر و عرضه 19 متر  
بنى معبد هيبس الفرعون أحمس الثانى ورممه داريوس   ملك الفرس ارضاء لكهنة آمون والذى حكم مصر فى فترة احتلال فارسى لمصر وبناؤه إرضاء لكهنة آمون يوحى أن سلطة الكهنة كانت كبيرة ومؤثرة أو قد يكون الملك الفارسى المحتل قد تأثر بعبادة الإله آمون

وهو يعتبر من اهم المعابد المصرية حيث انه المعبد المصري الوحيد المتبقي من العصر الصاوي الفارسي في التاريخ المصري في الفترة من 660 الي 330 ق .م وقد شيد المعبد في عصر بسماتيك الثاني خلال الاسرة السادسة والعشرين ولكن نقوشه استكملها الملك الفارسي 'دارا الأول' حوالي عام 500 ق.م في عصر الاسرة الثلاثين الفرعونية ثم اضيف الفناء الخارجي للمعبد في عصر 'نختانبو الاول والثاني' واضاف بطليموس الثاني البوابة الكبري شرق المعبد ويتكون المعبد من البحيرة ­ مرسي الفن ­ البوابة الرومانية ­ طريق الكباش ­ ثم البوابة البطلمية ­ البوابة الفارسية ­ الرواق ثم الصالة.. ذات الاثني عشر عمودا ­ الصالة المستعرضة واخيرا قدس الاقداس.
،و يتكون من ثلاث بوابات ، تقوم على أعمدة توجت رءوسها بزهرات اللوتس ، و حليت جدرانه من الداخل و الخارج بنقوش و كتابات مختلفة أشهرها اللوحة التى سجل عليها قانون الـ 66


معبد فيلة


جزيرة فيلة، هي جزيرة في منتصف نهر النيل وهي إحدى الحصون الأقوى على طول حدود مصر الجنوبية، وتفصل النيل إلى قناتين معاكستين في أسوان كان بها معبد فيلة وانتقل من مكانه الأصلي على جزيرة فيلة وتم تجميعه على جزيرة أجيليكا وذلك في أعقاب بناء السد العالي

ويرجع اسم فيلة أو فيلاي إلى اللغة اليونانية التي تعني (الحبيبة) أو (الحبيبات) أما الاسم العربي لها فهو (أنس الوجود) نسبة لأسطورة أنس الموجودة في قصص ألف ليلة وليلة أما الاسم المصري القديم والقبطي فهو بيلاك أو بيلاخ ويعني الحد أو النهاية لأنها كانت آخر حدود مصر في الجنوب. ومجموعة العبادة كرست لعبادة الإلهة إيزيس غير أن الجزيرة احتوت على معابد لحتحور وأمنحتب وغيرها من المعابد


شُيدت معابد "فيلة" في الأصل لعبادة الإلهة "إيزيس
وفى كل القرون اكتسبت فيلة مكانة خاصة في العبادات لدرجة أن حشد من أتباع تلك العبادة كانوا يجتمعون لإحياء قصة موت وبعث أوزوريس
تم بناء المعبد الكبير خلال القرن الثالث قبل الميلاد تم تلاه معابد أمنحوتب وأرسنوفيس أما معبد حتحور فهو يعد آخر أثر بطلمي واستكمل بنائه قبل عام 116 قبل الميلاد بواسطة إيورجيتس الثاني وقد أضاف بطالمة آخرون نقوشا إلى فيلة والتي تعتبر من روائع المعبد. ومن مصر امتدت عبادة الآلهة إيزيس إلى اليونان وروما وفى مختلف أنحاء الإمبراطورية حتى عندما تم تطبيق الحكم الروماني في مصر حاول الحكام تجميل الجزيرة المقدسة فقد بنى الإمبراطور أغسطس قيصر معبد في الطرف الشمالي لفيلة في القرن التاسع قبل الميلاد. أما تيبيريوس وآخرون فقد أضافوا صروحاً ونقوشا، كما بنى كلاوديوس وتراجان وهادريان ودقلديانوس مبان جديدة بالجزيرة استمر العمل فيها حتى القرن الرابع الميلادي.

 
ولشدة سيطرة عبادة إيزيس في جزيرة فيلة أدى ذلك إلى امتداد تلك العبادة على مدى قرون عديدة متحدية بذلك مرسوم الإمبراطور ثيودوسيوس الأول الذي أصدره عام 391 ميلادية والذي يفرض فيه الديانة المسيحية على جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية  وفى عام 550 بعد الميلاد وتحت حكم جوستنيان وصلت المسيحية إلى جزيرة فيلة وبدأت صفحة جديدة في تاريخها. وتكون مجتمع جديد مسيحي في جزيرة فيلة وتحولت قاعة الأعمدة لتكون مناسبة لممارسة الديانة الجديدة. وتم نقل الأحجار من بعض الآثار لبناء كنائس مسيحية في الجزيرة. ونمت قرية جديدة حول معبد إيزيس

عندما جاء الإسلام اعتبرت فيلة حصنا أسطوريا ممثلا في إحدى قصص ألف ليلة وليلة واكتسبت اسم أنس الوجود تيمناً باسم بطل إحدى هذه القصص من قصص الف ليله وليله

هذا المعبد المخصص للإلهة أيزيس والذي أغرقته مياه النيل وتم تقسيمه وأعيد تجميعه في موقع جديد فوق جزيرة إجيليكا على بعد حوالي 500م من مكانه الأصلي بجزيرة فيلة ويضم مبانيه معبداً لحتحور ويمكن للزائر مشاهدة عرض الصوت والضوء ليلاً الذي يقدم بلغات مختلفة

كانت مصر جزءا مزدهرا من أجزاء الإمبراطورية الرومانية  أصبحت ثرية بحق وقد بنيت فيها عدة مدن جديدة ومن أشهر المنشآت في مصر في العصر الروماني ما يسمي مضجع فرعون أي كشك تراجان وهذا الأثر بناه في جزيرة فيلة  تراجان الحاكم الروماني

قيم عدد كبير من المعابد فوق جزيرة "فيلة" لعل أقدمها تلك المعابد التي يرجع تاريخها إلى عهد الملك تحتمس الثالث وفي القرن الرابع قبل الميلاد بنى الملك "نخت نبف " (378-341 ق.م) معبداً ضخماً وعلى أثره شيّد "بطليموس فيلادلف (القرن الثالث قبل الميلاد) معبده الكبير، ثم تبعه كثير من ملوك البطالمة وولاة الرومان حتى ازدحمت جزيرة فيلة بالمعابد، وأشهرها هو الذي يطلق عليه "مخدع فرعون
هناك أيضاً عدد كبير من التماثيل لملوك مصر القديمة فوق جزيرة

 
عود الأطلال الأولى فوق جزيرة فيلة إلى عهد الملك طهرقا (الأسرة الخامسة والعشرون  ويعد معبد إيزيس واحداً من أضخم وأهم الآثار ضمن مجموعة المعابد الكبيرة والصغيرة فوق جزيرة فيلة ويشغل هذا المعبد حوالي ربع مساحة الجزيرة ومن بين الآثار الأخرى فوق جزيرة فيلة مقصورة "نختنبو الأول (الأسرة الثلاثون  واثنان من صفوف الأعمدة التي ترجع إلى العصر الروماني  ومعبد أريسنوفيس  يوناني - روماني ومعبد ماندوليس (من العهد الروماني)، ومعبد إمحوتب (من العصر البطلمي  ومن أهم المعابد الصغيرة التي تحيط بمجموعة المعابد الكبيرة معبد حتحور (العصر البطلمي) ومقصورة تراجان

تم إعادة تشكيل جزيرة إجيليكا التي تبعد بمسافة خمسمائة متر من موقع جزيرة فيلة-ونقلت إليها المعابد المختلفة من جزيرة فيلة الغارقة وذلك بحيث تماثل جزيرة فيلة.


منذ إكمال بناء سد أسوان الأول عام 1902 ومياه النيل تحاصر جزيرة فيلة معظم السنة، وذلك بما تضمه الجزيرة من مخزون أثري ثمين يشمل المعابد والمقصورات والأعمدة والبوابات الفرعونية والتي تجسد جميعها أساليب معمارية رومانية - يونانية وفرعونية.

وكان نختنبو الذي يعد واحداً من أواخر ملوك مصر الأصليين قد بنى معبداً على جزيرة فيلة في النصف الأول من القرن الرابع قبل الميلاد، وبعده جاء البطالمة الذين حكموا البلاد لمدة 300 سنة واعتنقوا عبادة إيزيس  فأضافوا أضرحتهم الخاصة على الجزيرة.

وقد أدى بناء السد العالى إلى تغيير الموقف على نحو جذرى فعلى اعتبار أن الجزيرة ستصبح واقعة بين السد الجديد والسد القديم فإنها ستصبح غارقة جزئياً ولكن على مدار السنة.

إضافة إلى ذلك فإن السحب اليومي للمياه لدفع التوربينات التي تولد الكهرباء قد يعنى وجود تموجات مستمرة فيما يقرب من 3 أمتار من مستوى المياه وهو ما يؤدى بدوره إلى إتلاف الحجارة بشكل سريع ومن ثم فإن عدم إيجاد حل لهذه المشكلة كان سيؤدي بهذه الجزيرة الطافية التي طالما خلبت أرواح السياح إلى الاختفاء من على الخريطة.


وعندما تم طرح مشكلة جزيرة فيلة باعتبارها مشكلة ملُحة كانت الاستجابة إزاء حملة النوبة سريعة وهو ماعكس تصميم المجتمع الدولي على إنقاذ منطقة بهذا الجمال وهذه الأهمية التاريخية ومن ثم فالمسألة لم تكن إنقاذ فيلة أم لا بقدر ماكانت كيفية إنقاذها

إلا أنه بعد دراسة نتائج هذا المشروع وعلى وجه الخصوص تأثير المياه الإرتوازية على الآثار وما يتطلبه المشروع من تكلفة كبيرة، اقترح الخبراء أيضاً مشروعاً آخر مقدم من الحكومة المصرية ويهدف هذا المشروع إلى نقل الآثار إلى جزيرة إجيليكا

بدأت عملية إنقاذ فيلة عام 1972 وذلك عندما بدأت سفن دق الخوازيق تثبيت أول لوح فولاذي وذلك من بين 3000 لوح وذلك في قاع النيل وذلك لتكوين سد مؤقت لحجز المياه حول الجزيرة واستغرق الأمر عامان لإحاطة الجزيرة بصفين من الخوازيق المتشابكة بطول 12 متر، وداخل هذا الفراغ تم صب خليط من الماء والرمل المغسول في محاجر الشلال على بعد 5 كيلو، وتم توصيل هذا الخليط عبر البحيرة من خلال أنابيب، وقد سمح للماء بالتسرب تاركاً الرمل ليدعم الفولاذ ضد ضغط البحيرة، وهكذا اكتمل حزام النجاة حول الجزيرة