Saturday 30 April 2011

السياحة في صقلية /ايطاليا


صقلية (بالإيطالية: Sicilia) "تلفظ سيشيليا"، صقلية هي أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، ومنطقة ذاتية الحكم في إيطاليا. الجزر الصغرى حولها مثل الجزر الإيولية هي جزء من صقلية. اسمها الرسمي هو منطقة الحكم الذاتي الصقلية.

خلال معظم تاريخها احتلت صقلية موقعاً استراتيجياً حاسماً. يعود ذلك في جزء كبير لأهميتها في طرق التجارة المتوسطية اعتبرت المنطقة جزءاً من ماجنا غراسيا حيث وصف شيشرون سيراكوزا بأنها أعظم وأجمل مدينة في اليونان القديمة أرخميدس وهو أحد أعظم العلماء والرياضياتيين في العالم القديم صقلي الأصل وولد في مدينة سيراكوزا.

كانت الجزيرة دولة في حد ذاتها في إحدى مراحل تاريخها. كما أن نفوذها امتد من باليرمو على جنوب إيطاليا وصقلية ومالطا. أصبحت لاحقاً جزءاً من الصقليتين تحت حكم البوربون، والتي كانت مملكة عاصمتها نابولي وضمت الجزيرة ومعظم مناطق جنوب إيطاليا. أدى توحيد إيطاليا عام 1860 إلى حل هذه المملكة وأصبحت صقلية منطقة ذات حكم ذاتي في مملكة إيطاليا. صقلية اليوم إقليم حكم ذاتي في إيطاليا. تبلغ مساحة صقلية 25,708 كم2 (9,926 ميل مربع) لتكون بذلك أكبر الأقاليم الإيطالية مساحة ويبلغ تعداد سكانها ما يزيد قليلاً عن خمسة ملايين نسمة.

تمتلك صقلية ثقافة غنية وفريدة من نوعها وخاصة فيما يتعلق بالفنون والموسيقى والأدب والمطبخ والعمارة واللغة، حيث كانت مهداً لبعض من أعظم الشخصيات وأكثرها تأثيراً في التاريخ. يستند الاقتصاد الصقلي إلى حد كبير على الزراعة (البرتقال والليمون أساساً). جلب هذا الريف الإيطالي والجمال الطبيعي الصقلي السياح بكثرة في العصر الحديث تأتي أهمية صقلية أيضاً من المواقع الأثرية والقديمة مثل نكروبوليس بانتاليكا ووادي المعابد.

تعاني السياسة والاقتصاد الصقليان من الجريمة المنظمة

سكان صقلية الأوائل هم ثلاث مجموعات محددة من الشعوب القديمة في إيطاليا. أبرزها وأقدمها شعب سيكاني، الذين ووفقاً لثوكيديدس وصلوا الجزيرة من شبه الجزيرة الإيبيرية (ربما كتلونيا اكتشفت أدلة تاريخية هامة في شكل رسومات كهوف رسمها السيكاني وتغطي الفترة من نهاية حقبة العصر الجليدي حول 8000 ق.م يرتبط وصول أول البشر مع انقراض فرس النهر القزم والأفيال القزمية. يعتقد أن الإليميين يعودون لبحر إيجة وكانوا ثاني قبيلة تهاجر إلى صقلية لتنضم للسيكانيين
رغم عدم وجود دليل على أي حرب بين القبائل، فإنه عندما استقر الإليميون في الزاوية الشمالية الغربية من الجزيرة انتقل السيكانيون نحو الشرق. وصل السيكوليون من البر الإيطالي الرئيسي تقريباً عام 1200 ق.م ويعتقد أنهم ليغور من ليغوريا، الأمر الذي دفع السيكانيين مرة أخرى ليستوطنوا وسط الجزيرة من المجموعات الإيطاليقية الأخرى الصغيرة التي استوطنت الجزيرة الأوسينيون (الجزر الإيولية ميلاتسو) والمورغيت (مورجانتينا). هناك العديد من الدراسات حول السجلات الجينية والتي تظهر اختلاط سكان مختلف مناطق المتوسط مع أقدم سكان صقلية. من بين هذه الشعوب المصريون والفينيقيون والإيبيريون كما استوطن الفينيقيون الجزيرة مبكراً قبل الإغريق. كما أن الاسم باليرمو من أصل فينيقي

عرفت صقلية منذ العصور القديمة بشكلها المثلث تقريباً مما منحها الاسم تريناكريا. يفصلها عن إقليم كالابريا الإيطالي في الشرق مضيق ميسينا. تبلغ المسافة بين الجزيرة والبر الرئيسي الإيطالي عبر مضيق ميسينا حوالي 3 كم (2 ميل) في الشمال وحوالي 16 كم (10 ميل) في جنوب المضيق تتميز الجزيرة بمشهد جبلي كثيف. السلاسل الجبلية الرئيسية هي نبرودي ومادوني في الشمال وبيلوريتاني في الشمال الشرقي، بينما تعتبر الجبال الهيبليانية في الجنوب الشرقي جيولوجياً استمراراً لجبال الأبنين الإيطالية. كانت مناجم إنا وكالتانيسيتا رائدة في إنتاج الكبريت خلال القرن التاسع عشر ولكنها تراجعت منذ خمسينيات القرن الماضي.

صقلية والجزر الصغيرة المحيطة بها مثيرة لاهتمام خبراء البراكين. جبل إتنا الذي يقع في الجزء الشرقي من البر الرئيسي لصقلية بارتفاع 3320 متر(10890 قدم) هو أعلى بركان نشط في أوروبا وأحد أنشطها في العالم.

الجزر الإيولية في البحر التيراني إلى الشمال الشرقي من صقلية تحتوي معقد سترومبولي البركاني النشط حالياً وأيضاً ثلاثة براكين نائمة هي فولكانو و فولكانيلو وليباري. قبالة الساحل الجنوبي لصقلية يوجد البركان فيردينانديا تحت الماء الذي هو جزء من بركان إيمبيدوكليس الأكبر الذي ثار آخر مرة في 1831. يقع بين ساحل أغريجنتو وجزيرة بانتيليريا(و التي هي نفسها البركان الخامد) على فليغريان فيلدز في مضيق صقلية

 
يشق الجزيرة عدد من الأنهار يتدفق معظمها عبر المنطقة الوسطى ويدخل البحر في جنوب الجزيرة. يتدفق نهر سالسو عبر أجزاء من إنا وكالتانيسيتا قبل الدخول إلى البحر الأبيض المتوسط في ميناء ليكاتا. إلى الشرق هناك نهر الكانتارا في مقاطعة ميسينا والذي ينتهي في جيارديني ناكسوس ونهر سيميتو الذي يصب في البحر الأيوني جنوب كاتانيا. من الأنهار الهامة الأخرى في الجزيرة تقع في الجنوب الغربي مثل بيليشي وبلاتاني

عرفت صقلية منذ فترة طويلة بتربتها الخصبة والمناخ اللطيف والجمال الطبيعي. يوجد موسم نمو حار طويل لكن الجفاف متكرر خلال الصيف. الزراعة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي لكن يعوقها ومنذ فترة طويلة ملكية الغائبين والطرق الزراعية البدائية والري غير الكافي. أدى إنشاء صندوق تنمية الجنوب الإيطالي عام 1950 من قبل الحكومة الوطنية إلى إصلاحات في مكلية الأراضي وزيادة في مساحة الأراضي المتاحة للزراعة والتنمية العامة لاقتصاد الجزيرة. مع ذلك فإن المافيا والتي ما زالت مؤثرة تعيق الجهود الحكومية الرامية إلى إجراء إصلاحات في المنطقة ولا تزال صقلية ذات دخل فردي منخفض جداً وارتفاع معدلات البطالة على الرغم من أن العديد من العاملين يعملون في "الأسود" أو في أعمال غير مبلغ عنها

الطقس المشمس والجاف في صقلية بالإضافة إلى المشاهد الطبيعية والمطبخ والتاريخ والهندسة المعمارية عوامل تجذب العديد من السياح من إيطاليا نفسها ومن البلاد الأخرى. تبلغ ذروة الموسم السياحي في أشهر الصيف على الرغم من أن السياح موجودون في الجزيرة على مدار السنة. تضم المواقع المفضلة لدى السياح جبل إتنا والشواطئ والمواقع الأثرية والمدن الرئيسية مثل كاتانيا وباليرمو، ولكن بلدة تاورمينا القديمة ومنتجع جيارديني ناكسوس المجاور يجذب الزوار من جميع أنحاء العالم، كما هو حال الجزر الإيولية وإريتشي وتشيفالو وسيراكيوز وأغريجنتو. هذه الأخيرة تضم بعضاً من أفضل المعابد الإغريقية حفظاً. تتخذ العديد من السفن السياحية المتوسطية محطة لها في جزيرة صقلية، كما يزور الجزيرة العديد من سياح النبيذ.

غالباً ما يصور أهل صقلية بأنهم فخورون للغاية بجزيرتهم وهويتهم وثقافتهم، كما أنه ليس من غير المألوف أن يصف الأشخاص أنفسهم بأنهم صقليون قبل أن يكونوا إيطاليين على الرغم من وجود المدن الكبرى مثل باليرمو وكاتانيا وميسينا وسرقوسة، فإن الصورة النمطية للصقليين تلمح عادة إلى أهل الريف، على سبيل المثال كوبولا هي إحدى أهم رموز الهوية الصقلية وتعود في أصولها إلى القبعة المسطحة من ريف شمالي إنكلترا والتي وصلت الجزيرة في عام 1800 عندما فر الملك البوربوني فرديناند الأول إلى صقلية تحت حماية البحرية الملكية البريطانية

خضعت صقلية لسيطرة ثقافات مختلفة بما في ذلك الشعوب الإيطاليقية والرومان والفاندال والإغريق والبيزنطيين والنورمان والمسلمين. ساهمت كل تلك الحضارات في ثقافة الجزيرة ولا سيما في مجالات المطبخ والهندسة المعمارية. يميل أغلب الصقليين إلى ربط أنفسهم بشكل وثيق بجنوب إيطاليا بسبب التاريخ المشترك.

يبلغ تعداد سكان جزيرة صقلية حوالي خمسة ملايين وهناك عشرة ملايين شخص إضافي من أصل صقلي في جميع أنحاء العالم. يقطن معظمهم أمريكا الشمالية والأرجنتين وأستراليا وبلدان أوروبية أخرى. كما هو الحالي مع بقية مناطق جنوب إيطاليا، فإن الهجرة إلى الجزيرة منخفضة جداً مقارنة مع مناطق أخرى من إيطاليا حيث يميل العمال إلى التوجه شمالاً بسبب تحسن فرص العمل في شمال إيطاليا. تظهر الأرقام الأخيرة للمعهد الوطني للإحصاءات وجود نحو 100 ألف مهاجر من أصل عدد السكان البالغ 5 مليوناً أي بنسبة 2% من السكان؛ يشكل الرومانيون أكبر الأقليات بتعداد نحو 17 ألف شخص يليهم التونسيون والمغاربة والسريلانكيون والألبان وغيرهم وفي معظمهم من أوروبا الشرقية

ارتبطت صقلية منذ فترة طويلة بالفنون والعديد من الشعراء والكتاب والفلاسفة والمفكرين والمهندسين المعماريين والرسامين. يمكن العودة بتاريخها إلى أرخميدس الفيلسوف اليوناني، وهو من مواطني سيراكيوز الذي أصبح أحد مشاهير ومن أعظم علماء الرياضيات غورجياس وإيمبيدوكليس هما من أوائل الفلاسفة الصقليين اليونانيين، بينما كان إبيكارموس السرقوسي مبتكر الكوميديا  بدأ العصر الذهبي للشعر الصقلي في أوائل القرن الثالث عشر من خلال المدرسة الصقلية والتي كان لها تأثير كبير. بعض من أكثر الشخصيات شهرة في مجال الشعر والكتابة هم لويجي بيرانديلو وسالفاتوري كوازيمودو وفينيزيانو انطونيو وجيوفاني فيرغا. على الجانب السياسي برز عدد من الفلاسفة الصقليين مثل جيوفاني جنتيلي الذي كتب مذهب الفاشية ويوليوس إيفولا

تشتهر الجزيرة بالخزفيات حيث يعود فن الخزف في صقلية إلى الشعوب الأصلية القديمة السيكانيين، كما تطورت حرفتها خلال الحقبة اليونانية ولا تزال بارزة ومتميزة حتى يومنا هذا توجد لوحتان تقليديتان شعبيتان بارزتان في صقلية، وكلاهما مستوحتان من أصل نورماني؛ العربة الصقلية وهي لوحة من عربات خشبية بزخارف معقدة من مشاهد من قصائد نورمانية رومانسية، مثل نشيد رولاند تروى نفس الحكايات في مسرح العرائس التقليدي أو تياترو دي بوبي، والذي يتميز بالدمى الخشبية المصنوعة يدوياً والتي تصور النورمان والمسلمين ينخرطون في معارك وهمية. تحظى هذه عروض بشعبية خاصة في أتشيريالي. من مشاهير الرسامين الصقليين فنان عصر النهضة أنطونيلو دا ميسينا وريناتو غوتوسو واليوناني المولد جورجيو دي شيريكو الذي يطلق عليه عادة "أب الفن السريالي" ومؤسس حركة الفن الميتافيزيقي

الأسرة هي صميم الثقافة الصقلية كما كانت دائماً على مدى الأجيال. يعيش أفراد الأسرة في كثير من الأحيان قرب بعضهم البعض وأحياناً في نفس المجمع السكني. يقطن عادة الأبناء والبنات مع الوالدين حتى الزواج والذي يميل إلى التأخر حالياً مقارنة بما كان عليه سابقاً. أزواج اليوم ينجبون عدداً أقل من الأطفال من ذي قبل، ولكن الرضع والأطفال يتمتعون بالكثير من التبجيل في الثقافة الصقلية ودائماً تقريباً ما يرافقون آبائهم إلى المناسبات الاجتماعية

حفلات الزفاف الصقلية فخمة ومكلفة وتقليدية وتجري عادة في الكنيسة. الكنيسة الكاثوليكية لاعب أساسي مهم في الحياة الصقلية. تقلد تقريباً جميع الأماكن العامة بالصلبان على جدرانها وتحتوي معظم المنازل الصقلية على صور القديسين وتماثيل وقطع أثرية أخرى. تمتلك كل بلدة ومدينة شفيعها القديس الخاص، وخلال أيام العيد تزين المواكب الشوارع وتعرض الألعاب النارية.

تضم المهرجانات الصقلية الدينية أيضاً بريسيبي فيفنتي (مشهد ميلاد المسيح) والذي يجري في وقت عيد الميلاد. الجمع بين الدين والتراث الشعبي بشكل حاذق في قرية صقلية من القرن التاسع عشر تشهد مشهد ميلاد المسيح حيث يرتدي الناس من جميع الأعمار أزياء من تلك الفترة وينتحل البعض العائلة المقدسة بينما غيرهم يتخذون دور العاملين والحرفيين. تنتهي عادة بعيد الغطاس مع وصول المجوس على ظهور الخيل.

يلعب التقليد الشفوي دوراً كبيراً في الفولكلور الصقلي. تم تناقل قصص كثيرة من جيل إلى جيل تضم شخصية تدعى "جيوفا". تتضمن نوادر هذه الشخصية ملامح الثقافة الصقلية وكذلك تنقل رسائل أخلاقية.

يتمتع الصقليون أيضاً بالمهرجانات في الهواء الطلق والتي تعقد في الساحة المحلية والتي تجري فيها الحفلات الموسيقية الحية والرقص على خشبة المسرح، والمعارض الغذائية أو ساغري حيث تقام في أكشاك تحيط بالساحة. تقدم هذه الأكشاك تخصصات محلية مختلفة وكذلك المواد الغذائية النموذجية الصقلية. عادة ما تنتهي هذه المناسبات بالألعاب النارية. من أشهر الساغرا هو ساغرا ديل كارشيوفو أو مهرجان الخرشوف الذي يقام سنوياً في راماكا في نيسان / أبريل. الكرنفالات الصقلية الشهيرة تجري في أتشيريالي ومستربيانكو وريغالبوتو وباترنو وشاكا وتيرميني إميرسي

No comments:

Post a Comment